أكد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، الاستمرار في تنفيذ خطة الحرب التي وضعها الشهيد السيد حسن نصر الله، مع قيادة المقاومة، مشدداً على البقاء في مسار الحرب ضمن التوجّهات السياسية المرسومة، معلناً تسمية هذه الحرب “معركة أولي البأس“.
وفي الكلمة الأولى له بصفته أميناً عاماً لحزب الله، والتي ألقاها الأربعاء، أعلن الشيخ قاسم أنّ برنامج عمله “هو استمرارية لبرنامج عمل الشهيد السيد نصر الله، في كلّ المجالات، سياسياً وجهادياً واجتماعياً وثقافياً“.
وجدّد الشيخ قاسم موقف الأمين العام الشهيد، مشيراً إلى “أنّنا لا نريد حرباً، لكننا جاهزون إذا فُرضت علينا، ومستعدون للانتصار، وسنواجهها بعزة”، مضيفاً: “كما قال سيدنا، نحن ننتظر الالتحام“.
إضافةً إلى ذلك، أشار الشيخ قاسم إلى أنّ أزمة أجهزة “البيجر” واللاسلكي، واغتيال قادة المقاومة، وعلى رأسهم الشهيد السيد نصر الله، “أثّرت سلباً على حزب الله”، الذي “سرعان ما تماسك، وهو ما تثبته الأوضاع في الميدان”، كما أكد.
وفي هذا الإطار، شدّد الأمين العام لحزب الله على أنّ إمكانات الحزب “كبيرة وواسعة، وتتلاءم مع حرب الميدان الطويلة”، موضحاً أنّ “الميدان يثبت ويؤكد تعافي الحزب من الهجمات التي تعرّض لها، لأنّه مؤسسة كبيرة ومتماسكة وذات إمكانات كبيرة“.
وأكد الشيخ قاسم أيضاً “الاستمرار في التصدي للعدوان”، موضحاً أنّه “إذا أراد العدو وقفه، فسنقبل بالشروط التي نراها مناسبةً”، وأنّ “أي حل يبقى بالتفاوض غير المباشر“.
أما “أي تفاوض فدعامته هي وقف إطلاق النار أولاً”، كما أعلن الشيخ قاسم.
“نؤلم العدو.. وسيدفع ثمناً غير مسبوق“
الأمين العام لحزب الله، لفت، في السياق نفسه، إلى أنّ غرفة عمليات المقاومة “وثّقت خسائر العدو، وهي فقط على الحافة الأمامية”، مشيراً إلى أنّ “الاحتلال اعترف بعجزه أمام صواريخ حزب الله وطائراته المسيّرة، وهي تضرب ضمن برنامج ميداني مدروس“.
وإذ أشار الشيخ قاسم أيضاً إلى أنّ حزب الله يستهدف القواعد والعسكر، بينما يستهدف الاحتلال “البشر والحجر ويريدون إيلامنا”، فإنّه شدد على أنّ المقاومة “تؤلم العدو، واستهداف قاعدة غولاني في “بنيامينا” دليل على ذلك، إلى جانب استهدافات حيفا وعكا وغيرهما“.
وتابع مؤكداً أنّ على الاحتلال أن يعلم أنّ “قصفه قرانا ومدننا لن يجعلنا نتراجع”، لافتاً إلى تمكّن المقاومة من إيصال مسيّرة إلى غرفة رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وأضاف: “نتنياهو نجا هذه المرة.. ربما لم يحن أجَله بعد، ويمكن أن يأتي على يد مستوطن إسرائيلي“.
وأضاف الشيخ قاسم: “إذا كان نتنياهو يعتقد أنّ إسرائيل أمام نصر مطلق فنحن نقول له: أنتم أمام هزيمة مطلقة، ولن تعيدوا سكان الشمال بل سيتهجّر مئات الآلاف منهم“.
كما توجّه إلى الاحتلال متوعداً: “ستُهزمون حتماً لأنّ الأرض لنا وشعبنا متماسك حولنا، فاخرجوا من أرضنا لتخففوا خسائركم، وإلا فستدفعون ثمناً غير مسبوق“.
أما لدى توجّهه إلى السفيرة الأميركية في لبنان، ليزا جونسون، فقال: “لن تري لا أنت ولا من معك هزيمة المقاومة، ولو حتى في الأحلام“.
وللذين راهنوا على مرحلة “ما بعد الحرب”، أكد الشيخ قاسم: “ستضطرّون إلى لعن واشنطن وحلفائها، لأنّهم كذبوا عليكم”، مشدداً على أنّ الاحتلال “لن يتمكّن من الرهان على الوقت، لأنّ خسائره كبيرة، وهو سيضطر إلى وقف عدوانه“.
“إيلام العدو يتطلب الصبر والصمود“
الأمين العام لحزب الله خصّص جزءاً من كلمته ليخاطب النازحين اللبنانيين من جراء العدوان الإسرائيلي، موضحاً أنّ “هذه المعركة تتطلب هذا المستوى من التضحيات”، متابعاً: “نحن في مرحلة إيلام العدو، وتُضاف إليها مرحلة الصمود والصبر“.
وأكد الشيخ قاسم للنازحين أنّ المقاومة “لا يمكنها أن تنتصر من دون تضحياتهم”، فحزب الله “قوي في المقاومة ببركة المجاهدين، وقوي في الداخل السياسي بفضلهم“.
وأشار، مخاطباً النازحين أيضاً، إلى أنّ “الآخرين مندهشون من صبرهم”، واعداً إياهم بـ”أنّنا سنبني معاً”، بينما أكد أنّ المقاومة “ستنتصر الآن، كما انتصرت في تموز.. وسنبقى أقوياء مع صعود متزايد لقوتنا“.
“قادرون على تعطيل مشروع إسرائيل بالمقاومة“
الأمين العام لحزب الله أشار إلى أنّ “البعض يعتبر أنّ إسرائيل استُفزّت”، موضحاً أنّها “لا تحتاج إلى ذريعة من أجل شنّ عدوانها، والتاريخ يشهد على ذلك”، ومشيراً إلى أنّ مساندة غزة “كانت واجبةً لمواجهة خطر إسرائيل على المنطقة بأسرها، من بوابة غزة، ولحقّ أهل غزة، الذين على الجميع أن ينصرهم“.
وأشار إلى أنّ رئيس حكومة الاحتلال نفسه قال لدى بدء عدوانه على لبنان إنّ “ذلك هو من أجل الشرق الأوسط الجديد”، مضيفاً أنّ المقاومة “كسرت مجموعةً من المباغتات”، ولافتاً أيضاً إلى وجود نقاشات جدية بين الاحتلال والولايات المتحدة من أجل “ضرب حزب الله”، بعد أيام على “طوفان الأقصى“.
وبيّن الشيخ قاسم أيضاً “مواجهة مشروع كبير من قِبل إسرائيل والولايات المتحدة والغرب، في غزة ولبنان والمنطقة”، مؤكداً أنّ هذه الحرب “فيها كل الإمكانات في العالم من أجل القضاء على المقاومة“.
ووصف الحرب بـ”الصهيونية الأميركية الأوروبية العالمية، التي تهدف إلى القضاء على المقاومة في المنطقة”، محذّراً من “أنّهم يريدوننا أن نصبح خانعين، ليتحكموا بمستقبلنا“.
وهذا المستقبل “ستصنعه ملحمة العزة” التي “تصمد فيها المقاومة في كل من غزة ولبنان بصورة أسطورية”، كما أكد الأمين العام لحزب الله، الذي شدد على “أنّنا بالمقاومة نعطّل مشروع إسرائيل، أما بالانتظار فنخسر كل شيء”، مضيفاً: “نحن قادرون على ذلك“.
“وُجدنا لنواجه الاحتلال ونحرّر أرضنا.. لا نقاتل نيابةً عن أحد“
في هذا الإطار، ذكّر الشيخ قاسم بأنّ “مقاومتنا وُجدت من أجل مواجهة الاحتلال ونواياه التوسعية وتحرير الأرض”، وأنّها هي “من أخرجت إسرائيل من لبنان، لا القرارات الدولية“.
وأكد الشيخ قاسم أيضاً أنّ حزب الله “لا يقاتل نيابةً عن أحد، بل من أجل حماية لبنان وتحرير أرضنا وإسناداً لغزة”، مشدداً على أن “لا أحد يطلب منّا شيئاً، أو يلزمنا بشيء“.
وعن الجمهورية الإسلامية في إيران، أكد أنّها “تدعمنا لمشروعنا ولا تريد شيئًا منا”، وهي “لا تقاتل معنا، لكنّها تدعم مشروعنا ولا تريد مقابل”، شاكراً جبهات المساندة في اليمن والعراق، ومرحّباً بأي دعم عربي أو إسلامي أو دولي.
شدّد الأمين العام لحزب الله، في السياق نفسه، على أنّ إيران “تدرك الثمن الذي تدفعه بسبب دعمها المقاومة”، مؤكداً أنّها “أعطت المقاومة، عبر الشهيد قاسم سليماني، ما لم يعطه أحد“.
ووجّه التحية إلى مفجّر الثورة الإسلامية، الإمام الخميني، الذي “أطلق مشروع إزالة إسرائيل من أجل أصحاب الأرض”، مشيراً إلى أنّ قائد الثورة والجمهورية، السيد علي خامنئي، “حمل الراية بشجاعة، وأعطى كل الدعم المطلوب في خدمة المجاهدين“.
“هذا الحمل ثقيل لكنه دليل ثقة.. سنحمل الأمانة“
توجّه الشيخ قاسم في كلمته بالشكر إلى قيادة حزب الله ومجلس الشورى فيه، لاختياره “لهذا الحمل الثقيل”، مشيراً إلى أنّ هذا “دليل ثقة“.
وفي هذا السياق، أكد الشيخ قاسم أنّ هذه الأمانة “هي أمانة الشهيد السيد عباس الموسوي، قال لنا إنّ الوصية الأساس حفظ المقاومة، والشهيد السيد نصر الله“.
واستحضر كلمات الشهيد السيد نصر الله عند استشهاد السيد الموسوي، ومفادها: “أرادوا من قتلهم أميننا العام أن يهزموا فينا روح المقاومة، وأن يحطّموا إرادة الجهاد، لكن دماءه سوف تبقى تغلي في عروقنا“.
“نحن منتصرون“
كذلك، توجّه الشيخ قاسم إلى الشهيد السيد حسن نصر الله، الذي “ضخّ الإيمان والولاية والمقاومة في القلوب، على مدى 32 عاماً”، قائلاً: “كنت وستبقى راية المقاومة المنصورة وحبيب المقاومين وخزّان الأمل وبشير النصر ومعشوق التواقين إلى الحياة العزيزة“.
واستذكر الشيخ قاسم رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، الشهيد السيد هاشم صفي الدين، مؤكداً أنّه كان “أحد أبرز الذين اتكأ عليهم الشهيد السيد نصر الله”، ومضيفاً: “لقد خسرناه وهو ربح“.
كما أشار إلى أنّ الشهيد السيد صفي الدين كان “شخصاً منظّماً، يواكب الأعمال، ذا رؤية ثاقبة، اهتم بالمقاومين، وعمل على تلبية متطلبات الجبهة“.
واستذكر أيضاً رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشهيد يحيى السنوار، مشدداً على أنّه “صلب، شجاع، مؤمن، مستقيم، عزيز وحر، أيقونة البطولة والمقاومة لفلسطين وأحرار العالم”، إذ “استشهد في المواجهة حتى رمق الأخير“.
وفي ختام كلمته الأولى بصفته أميناً عاماً لحزب الله، خاطب الشيخ قاسم المقاومين، بحيث قال مردداً كلمات الشهيد السيد نصر الله: “كما قال سيدنا القائد.. ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات، ونحن منتصرون.. فاصبروا وصابروا“.