أكَّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنّ حزب الله سيوسّع ويخوض الحرب الشاملة من دون تراجع إذا أقدمت “إسرائيل” على شنّها مشددًا على أن هدف المقاومة هو إسقاط الأهداف “الإسرائيلية” العدوانية وتأمين النصرة والحماية لغزَّة والمقاومة الفلسطينية.
وقال الشيخ قاسم في مقابلة مع وكالة مهر الإيرانية نُشرت الأربعاء 26 حزيران/يونيو 2024: “اليوم بعد طوفان الأقصى الذي جاء كردَّة فعل ومقاومة على 75 سنة من الاحتلال “الإسرائيلي” الذي لم يبقي مكانًا في فلسطين المحتلة ولا قدرة إلّا وضربها وآذاها وحاول أن يقضي عليها بما فيه إقامة المستوطنات الدائمة وتعطيل حياة الفلسطينيين، كان لا بد لهذا الطوفان أن يفعل فعله وبالتالي أن يؤثر في واقع الكيان كخطوة استراتيجية لزلزلته”.
ولفت الشيخ قاسم إلى أن تطوّر الأحداث “استدعى أن يكون محور المقاومة ملتفًا حول المقاومة الفلسطينية في غزّة وفي فلسطين لمواجهة العدوان “الإسرائيلي” الذي اتّخذ صفة الإبادة وارتكاب المجازر والجرائم بدعم أميركي أوروبي بكلّ الإمكانات المتاحة، هنا لا بُدَّ أن يكون لمحور المقاومة الموقف الداعم الذي يؤسِّس لمرحلة جديدة ويمنع تحقيق الأهداف الصهيونية الأميركية”.
وأضاف الشيخ قاسم: “بحمد الله تعالى إنَّ قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية على يد مفجر الثورة الإمام الخميني (قده) وإعلانه المباشر ابتداءً من انتصار الثورة سنة 1979 عن تشكيل فيلق القدس، وعن العمل الدؤوب لنصرة قضايا الحق وأولها قضية فلسطين وفي المقابل مواجهة العدوان “الإسرائيلي” الأميركي كمسؤولية دينية وسياسية وأخلاقية وعلى مستوى المنطقة بشكل عام حصل انقلاب تدريجي في موازين القوى حيث بدأت قوى المقاومة تتصاعد يومًا بعد يوم وكذلك التحرك الفلسطيني الجهادي المقاوم ينمو يومًا بعد يوم”.
محور المقاومة
وتابع الشيخ قاسم: “رغم كلّ الصعوبات والتعقيدات أصبحنا أمام تشكّل لقوى المقاومة في فلسطين والمنطقة بشكل قوي وفعال واستطاعت هذه القوى أن تحقق نجاحات بتعطيل أهداف “إسرائيل” عدَّة مرات في لبنان وفلسطين وكذلك الآن في مواجهة العدوان الغاشم في معركة طوفان الأقصى”.
وأكّد الشيخ قاسم أن “قدرة “إسرائيل” على فرض وجودها وشروطها لم تعد كما في السابق، بدأت “إسرائيل” تظهر أضعف مما كانت عليه، ولولا الدعم الأميركي الواسع وغير العادي في كلّ المجالات لما صمدت “إسرائيل” أيامًا معدودة ولكن الآن مع كلّ هذا الدعم يبدو أن الضعف “الإسرائيلي” بدأ يظهر بشكل واضح على الداخل “الإسرائيلي” وعلى الاقتصاد والمستقبل واعتقد أنَّه بعد انتهاء هذا العدوان ستنكشف أخطار كثيرة في واقع الكيان “”الإسرائيلي””.
وقال الشيخ قاسم: “هنا لا يستطيع العدوّ “الإسرائيلي” أن يتحدث عن تعايش أو عدم تعايش مع قوى المقاومة، قوى المقاومة أصبحت واقعًا حقيقيًا مؤثِّرًا لا يستطيع هذا العدوّ ومَن وراءَه أن يتجاوزها وهذه المقاومة هي من هذه البلدان وهذه المقاومة لها حقٌ في أرضها وفي حماية مشروع أجيالها المستقبلية وهي بدأت تملك القوَّة ولديها التصميم والإرادة والتوكل على الله والشجاعة والجهاد وهذا كله سيكون عاملًا أساسيًا لنمو المقاومة وزلزلة وضعف “إسرائيل” تدريجيًا”.
جهوزية حزب الله
وحول التهديدات “الإسرائيلية” للبنان، قال الشيخ قاسم: “منذ بداية العدوان بعد طوفان الأقصى وهناك تهديدات دائمة من قبل العدوّ “الإسرائيلي” في محاولة العدوان على لبنان بهدف إيقاف الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة ولكن قرار الحزب الذي عبَّر عنه سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله (حفظه الله) وكلّ قادة الحزب أنَّ جبهة لبنان لن تتوقف إلَّا عندما تتوقف الأعمال القتالية في غزَّة”.
وجدد الشيخ قاسم التأكيد على موقف حزب الله باستمرار جبهة الإسناد من لبنان ما دامت المعركة مستمرة في غزّة، مؤكدًا أنَّ “كل التهديدات لن تغيِّر من الواقع شيئًا بالنسبة لنا في لبنان لأنَّ تصميمنا وقرارنا حاسمان ولأنَّنا لن نخضع للتهديدات بحرب أوسع أو شاملة إذ إننا مصممون على إبقاء جبهة المساندة ما دام القتال والعدوان على غزَّة قائمًا من قبل العدوّ “الإسرائيلي” وإذا وسَّعت “إسرائيل” الحرب وسَّعنا وإذا خاضت حربًا شاملة خضنا الحرب الشاملة من دون تراجع”.
وتابع: “نحن مقاومة لها أهدافها وأبرز هدف الآن هو إسقاط الأهداف “الإسرائيلية” العدوانية وتأمين النصرة والحماية لغزَّة وفلسطين والمقاومة هناك، وبالتالي كلّ الضغط الذي يمارس الآن على حماس والمقاومة لإيقاف الحرب مبنيّ على قاعدة أن تتنازل حماس والمقاومة عن شرط وقف إطلاق النار، أي أن تأخذ “إسرائيل” بعض أسراها وتعطي بعض الأسرى الفلسطينيين وبعض المكتسبات ثمّ تعود للحرب مجددًا، وهذا ما لا تقبل به المقاومة الفلسطينية التي صممت أن تستمر إلى النهاية، فإمَّا أن تتوقف الحرب وإمَّا الحرب مفتوحة والمقاومة مستمرة بالنسبة إليهم”.
وأضاف الشيخ قاسم: “عندما بدأ حزب الله بجبهة المساندة من لبنان لفلسطين تدرَّج في عملية المواجهة بحيث إنّه كان يصعِّد مع تصعيد العدوّ “الإسرائيلي” ويرد بضربات نوعية عندما يضرب العدوّ المدنيين أو يتجاوز الحدود الجغرافية للمعركة، وكان الحزب في كلّ مرَّة وفي كلّ مرحلة يُدخل أسلحة جديدة إلى المعركة تنسجم مع الحدود التي تجري فيها هذه المعركة ليفهم “الإسرائيلي” أنَّ لدينا خيارات عدة للمواجهة، وأنَّ دفاعاته كالقبة الحديدية أو المناطيد التي تكشف الطيران والصورايخ أو كلّ الوسائل التي يعتمدها من أجل تأمين معلومات استخبارية أو أعمال قتالية هذا كلُّه تحت ضربات ونيران المقاومة بعد توفير المعلومات الدقيقة حتّى وراء الجبال وحتّى في الأماكن المخفيَّة”.
ولفت الشيخ قاسم إلى أن تطوّر عمليات المقاومة يعني “أن “”إسرائيل” اطَّلعت بشكل واضح على قدرات فنية وعملية في الاستخبار والاستعلام وفي القتال وفي نوعية الصورايخ المباشرة وغير المباشرة وفي الطيران المسير والانقضاضي والتصويري، كلّ هذه الأمور هي رسائل حول بعض قدرات المقاومة، وما التصوير الذي حصل من خلال “هدهد” إلَّا نموذجًا من نماذج قدرة المقاومة على استهداف العمق “الإسرائيلي” المحتل في ما لو تجاوز حدوده وجيشه وقادته يفهمون هذه الرسائل بدقة”.
العلاقة مع الجمهورية الإسلامية في إيران
وحول دور الجمهورية الإسلامية في إيران، قال الشيخ قاسم أن “إيران بلد له رؤية ثقافية وسياسية وله قناعته في كيفية إدارة شؤونه، وهذه الجمهورية في إيران قامت على مبادئ الإسلام أي على مبادئ الحق ونصرة المستضعفين والحرية ورفض التبعية للاستكبار واستقلال الشعوب، هذه كلها من المبادئ التي تؤمن بها الجمهورية الإسلامية ومارستها بشكل عملي بقيادة الإمام الخميني (قده) في السنوات العشر التي عاشها بإدارة هذه الجمهورية وبعده الإمام الخامنئي (دام ظله) الذي استمر حتّى اليوم في نفس القواعد والمنهجية وهو يكرِّر دائمًا أن نهج الإمام الخميني سيستمر على هذا المنوال”.
واعتبر أنتّ من “أُسُس نهج الجمهورية الإسلامية في إيران أن تدعم حركات التحرر، ومن أسُس الجمهورية الإسلامية أنَّها تقف بوجه الاحتلال “الإسرائيلي” وتنصر فلسطين والقدس كقضية مركزية أولى على مستوى العالم وعلى مستوى اهتمام الجمهورية الإسلامية، هذا ما يستلزم أن تدعم المقاومة من أجل التحرير وأن تقف في عداء مع الكيان “الإسرائيلي” وأن تواجه الدول الاستكبارية التي تدعم هذا الكيان بحسب طبيعة المواجهة، إذًا هذه هي قناعة الجمهورية الإسلامية ودورها في الدعم والعطاء”.
وتابع الشيخ قاسم: “هنا نجد في المنطقة من يؤمن بهذه القناعات أيضًا، الشعب الفلسطيني يريد أن يحرر أرضه والشعب الفلسطيني لديه قناعات وتدين وإيمان والتزام بطرد المحتل ويحتاج إلى سلاح وإمكانات وتدريب من أجل أن يواجه، إذًا من الطبيعي أن يجد هذا الشعب الفلسطيني إيران الدولة الوحيدة في العالم التي تعطيه كلّ ما يريد من أجل أن يحرِّر أرضه، كذلك المقاومة في لبنان تؤمن بهذه المنهجية وتؤمن بأن “إسرائيل” خطر لا على فلسطين فحسب وإنما على لبنان والأردن وسورية ومصر والعراق وكلّ المنطقة في منطقة الشرق الأوسط، أو كما يذكر الإمام الخامنئي (دام ظله) في منطقة غرب آسيا، من هنا انسجام القناعة بين حزب الله والجمهورية الإسلامية يجعل هذه الجمهورية التي أبدت استعدادها للدعم الكبير ماديًا وبكل الإمكانات من أجل المقاومة أن يأخذ حزب الله منها ما يؤمن به”.
ولفت نائب الأمين العام لحزب الله إلى أنّه من الخطأ “أن نتحدث بأن الفلسطينيين أو اللبنانيين أو حزب الله أو حماس أو أي جهة من الجهات هم أدوات لإيران لأنَّ هؤلاء يعملون في بلدانهم ضمن مشاريعهم وإيران تدعمهم، فليقولوا ما يريدون، المهم أنَّ هذه الشعوب في المنطقة تعبِّر عن قناعاتها، ومصلحة إيران أنَّها تعبِّر عن قناعاتها، وبالتأكيد كلّ ما ينفع هذه المقاومة ينفع إيران وكلّ ما ينفع إيران ينفع هذه المقاومة، لأنَّ القناعات والأهداف مشتركة والعدو واحد، في المقابل من الطبيعي أن يقف كلّ من يؤيد الكيان “الإسرائيلي” في المقلب الآخر ويخوض هذا العداء.
وتساءل الشيخ قاسم: “لماذا لا يستنكر العالم أن يكون مع “إسرائيل” أميركا وأوروبا ودول كبرى ومنظمات وجهات تدعمها ويعتبرون أنَّ هذا الأمر طبيعي، بينما يعتبرون أنَّ اجتماع محور المقاومة مع إيران وبقيادة إيران أمر غير طبييعي ومضر! على كلّ حال نحن مقتنعون بأنَّ ما نقوم به هو مصلحة لنا ولبلدنا أولًا ولكل المحور ثانيًا وهذا ما يؤمن به الفلسطينيون وكذلك هذا ما يؤمن به الإيرانيون، وسنبقى إن شاء الله ملتحمون في هذا العمل”.
واعتبر أن بعد استشهاد السيد الدكتور رئيسي ورفاقه انكشف بشكل واضح لكل العالم “أنَّ الجمهورية الإسلامية هي بلد مؤسسات بكلّ ما للكلمة من معنى، فعلى الرغم من دور وأهمية الدكتور رئيسي والدكتور عبداللهيان وكلّ الفريق الذي يعمل معه وعلى الرغم من الإنجازات التي حققها فإنَّه مع استشهاده انتقلت الجمهورية الإسلامية مباشرة وبحسب دستورها وقوانينها وبإدارة وإشراف من الإمام القائد السيد الخامنئي (دام ظله) وبتوجيهات عبَّر فيها بوضوح عن أنَّ البلد يجب أن ينتج البديل بحسب مؤسساته من دون أن يتراجع بسبب هذه الحادثة، وهذا ما حصل بتعيين وقت انتخابات الرئيس واختيار نائب الرئيس ليكون رئيسًا مؤقتًا ووكيل لوزارة الخارجية ليقوم مؤقتًا بدور وزارة الخارجية، وكلّ القوى في الجمهورية الإسلامية تقوم بصلاحياتها وأدوارها”.
وأضاف الشيخ قاسم: “وبالتالي نحن أمام جمهورية إسلامية استطاعت أن تتجاوز كلّ الأحداث الخطرة والصعبة حتّى في زمن حرب الدفاع المقدسة مع العراق لمدة 8 سنوات وحتّى مع الاغتيالات التي حصلت لقادة وعلماء ورؤساء في إيران لم تتأخر إيران يومًا واحدًا عن إجراء أي استحقاق دستوري، ولم تتأخر عن إجراء الانتخابات في موعدها لرئيس الجمهورية أو لمجلس الشورى أو لغير ذلك، حتّى في قلب الأحداث الخطرة الصعبة لمدة 8 سنوات، فكيف الآن والجمهورية الإسلامية متقدمة جدًا في كلّ وضعها وفي كلّ مواقعها”.
واعتبر الشيخ قاسم أنّ “الجمهورية الإسلامية أعطت رسالة مهمّة للعالم بأنَّ هذا الشعب الإيراني شعب حيوي ومتفاعل ومحب، نزل إلى ساحة التشييع ليعبِّر عن التفافه حول قيادته وحول مؤسساته وحول مستقبل إيران الباهر، فنحن لا نخشى على إيران من مثل هذه الأحداث، إيران هذه التي أبهرت العالم عندما قامت بعملية الوعد الصادق في الرد على ضرب القنصلية الإيرانية في سورية واغتيال اللواء زاهدي بالرد مباشرة على الكيان “الإسرائيلي” بصواريخ ومسيرات سقط بعضها كما خطَّط له الإيرانيون على أهداف في الأرض الفلسطينية المحتلة مباشرةً رغم بُعد المسافة لأكثر 1100 كلم، وهذا يدل على أنَّ إيران لها استقلالها ولها عزتها وكرامتها ولا تقبل بأن يواجهها أي أحد إلَّا وترد بالضربة المناسبة، وهذا عمل استثنائي حصل في زمن السيد رئيسي وتحت قيادة الإمام الخامنئي (دام ظله) وهذا أيضًا من مؤشرات قوة ومنعة إيران”.